محللون: غياب القيادة أضعف الثورة المصرية

هل تعثر ثورة يناير بعد تَعثُّر على رأسها بذكرى خلع رأس السلطة ؟
أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في مظاهرة سابقة (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

في مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات ثبّتت الثورة المصرية أقدامها بالميادين لـ18 يوما جسدا بلا رأس حتى خلعت رأس النظام يوم 11 فبراير/شباط 2011.

وأفرزت الثورة انتخاب محمد مرسي رئيسا، فاعتبره أنصاره رأسها، في حين رأى آخرون أنه اتخذ مسارات سياسية في مواطن ثورية.

وعلى الجانب الآخر استمرت الثورة المضادة في البحث عن رأس تعود به للسلطة مجددا، فنادت قائد الجيش وقتها عبد الفتاح السيسي لينقلب على الرئيس المنتخب والثورة الشعبية.

فراغ وتخبط
وأظهر التقرير الإستراتيجي الثاني الصادر مؤخراً عن المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الدولة تمر بحالة سيولة شديدة وفراغ قيادي كبير مع تخبط إداري، مشيرا إلى أن النظام يلجأ لممارسات قمعية غير مسبوقة كي يستطيع السيطرة على الأوضاع.

ويؤكد التقرير أيضا أنه على الثورة إصلاح الخلل وملء الفراغ القيادي والسعي لامتلاك القدرة على حسم الصراع.

وفي هذا السياق أبدى رئيس مركز المشكاة الدكتور نادر فرجاني تفهمه لرفض كثيرين عدم ترك الميادين في فبراير/شباط 2011 إلا بتسلم الثوار السلطة، بيد أنه قال إنه كان من المستحيل الاتفاق على شخص واحد لقيادة الحكم الانتقالي.

وأضاف فرجاني في حديثه للجزيرة نت أن الإصرار على القائد الشخص الواحد كان امتدادا لتقليد الفرعون ومقدمة طبيعية لهزيمة الثورة الشعبية بإعادة صناعة متسلط أوحد جديد.

ويرى فرجاني أن الحل المنطقي هو المجلس الرئاسي الثوري الانتقالي الذي يتسع لتيارات سياسية مختلفة ولمختلف أجيال ومكونات الشعب بشرط الانتماء للثورة والسعي لنصرتها، معتبرا آلية اتخاذ القرار الجماعي ديمقراطيا بمثابة عصمة من تجاوزات القرار الفردي.

وبين المتحدث نفسه أنه "بينما سيأتي قادم الأحداث بموجة تالية حتمية من الثورة الشعبية العظيمة نشهد مقدمات لها تتراءى كل يوم، (فإنه) لا مناص من المجلس الرئاسي الثوري الانتقالي (الذي يتكون مثاليا من حوالي سبعة أعضاء) إن أردنا اكتمال الثورة الشعبية العظيمة".

‪مؤيدون للسيسي يحتفلون بذكرى الثورة الخامسة بشعارات وهتافات ضد الإخوان المسلمين‬ الجزيرة)
‪مؤيدون للسيسي يحتفلون بذكرى الثورة الخامسة بشعارات وهتافات ضد الإخوان المسلمين‬ الجزيرة)

ائتلاف
من جهته عبر مجدي حمدان القيادي في جبهة الإنقاذ سابقاً عن اعتقاده بأنه في ظل عدم وجود قيادة ثورية لإدارة البلاد لحظة تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك فقد تقبل الشعب التوكيل الممنوح للمجلس العسكري وارتضت مكونات الثورة بأي مكاسب منه.

وشدد حمدان على ضرورة وجود قيادة للثورة المصرية من مجموعة مؤثرة لديها قبول، وهي الفكرة المتداولة الآن لتشكيل ائتلاف من سياسيين بعيداً عن الأحزاب، وفق تعبيره.

وقال في حديث للجزيرة نت إن الجنرالات الذين يديرون البلاد لن يتنازلوا عن مكاسبهم وسيعيقون أي رئيس للدولة أو رأس للثورة مخالف لرغبتهم.

ورأى حمدان أنه لن يكون هناك أي قبول شعبي للرئيس المعزول محمد مرسي كرأس للثورة أو الدولة نظرا لتعبئة الإعلام للنفوس ضده وجماعته مستغلا الأمية والجهل.

وعلى مستوى القبول النفسي الشعبي، أكد الطبيب النفسي أحمد عبد الله أن الزمن تجاوز الشكل الكلاسيكي للثورات فبات نجاحها رهن امتلاك وعي جديد وتبني شبكات مقاومة متينة.

وقال "واقعيا لا توجد قيادة للثورة وهو ما دفع مناصريها لا شعوريا لاتخاذ الشهداء والمعتقلين أيقونات ملهمة".

وتابع في حديثه للجزيرة نت أن الثورة المصرية لم يكن ممكنا أن تكون برأس، إذ الثورة في جوهرها مقاومة شعبية للسلطة القائمة وهي بالشكل الحداثي لا الكلاسيكي لا تحتاج لقيادة بل لتواصل الناس واقعيا، حسب رأيه.

بدوره اعتبر الناشط جميل راتب -اسم مستعار- أن الثورة كالحرب لذلك فهي تحتاج لمجلس حرب لا لمجلس سياسي، في حين رأى أبو حواء -كنية لناشط رفض ذكر اسمه- أن الثورة ستولد قيادتها شرط عدم إهدار ما حققته من مكاسب.

المصدر : الجزيرة